السبت، 5 يناير 2013

فى استقبال العام الميلادى الجديد .. دكتور محمد حبيب .. المصرى اليوم



فى تصورى هناك أربعة موضوعات رئيسية لافتة للنظر هذه الأيام.. الموضوع الأول، وهو الأهم مطلقا، هو الجنيه المصرى الذى يواصل تراجعه بشكل حاد، وانعكاس ذلك على التضخم، وبالتالى ازدياد صعوبة الحياة بالنسبة لعموم المصريين.. للأسف لم يكن تناول الرئيس المصرى منذ توليه منصبه وحتى الآن، بالنسبة لهذه القضية المحورية، بالشكل الواجب.. سوف يقال إن الرجل لم يدخر وسعا، وإنه سافر لعدة دول من أجل استجلاب استثمارات لمصر، لكن ذلك لم يتم وفق رؤية استراتيجية واضحة.. من المؤكد أن الاضطراب السياسى الذى تشهده مصر خلال الفترة الحالية يمثل تحدياً حقيقياً لكل المجالات: التعليم، والصحة، والإسكان، والنقل والمواصلات، ناهينا عن مشكلات البطالة وتدنى الأجور، والارتفاع الفاحش فى الأسعار، فضلا عن أنه يلقى بظلال كئيبة على المسألة الاقتصادية برمتها، مثل التناقص اليومى فى الاحتياطى النقدى، وهبوط النشاط السياحى، وغياب الاستثمارات العربية والأجنبية، وتراجع عجلة الإنتاج وقلة الصادرات، وزيادة الواردات.. إلخ، وقد يتسبب هذا الاضطراب فى تأجيل جديد لقرض صندوق النقد (4.8 مليار دولار)، الذى تعقد عليه الحكومة آمالها، رغم أن وصول القرض لن يؤدى إلى انخفاض الدولار كثيرا.. تقول «فيكتوريا نولاند» المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: «إن بلادنا تدعم التوصل إلى اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولى بشأن القرض، وإن الاتفاق سيفتح الباب أمام الولايات المتحدة لمساعدة مصر بشكل أكبر»(!!).. لكننا نعلم أن ذلك كله سوف تكون له تكاليفه وتبعاته.
الموضوع الثانى هو التصريحات الغريبة، شكلاً وموضوعاً وتوقيتا، التى صدرت من نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، وتدعو إلى عودة اليهود المصريين، الذين غادروا مصر فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى.. قال الخبثاء إن التصريحات تدل على غزل واضح للإدارة الأمريكية والصهاينة، وإنه يتم وفق صفقة بينهم وبين الإخوان.. البعض قلل من شأنها واعتبرها فرقعة إعلامية الغرض منها إلهاء الرأى العام عما يجرى فى مصر، سياسيا واقتصاديا.. غير أن من أصدر التصريحات يدعى أنها تأكيد للديمقراطية، وأن مصر لكل أبنائها (!) وأنها لا تفرق بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وأنها تستند لموقف «أخلاقى» فى إعادة الحقوق لأصحابها، بغض النظر عن التعقيدات المرتبطة بهذا الشأن (!).. بعض الإخوان دافعوا عن الفكرة، لكن غالبيتهم تنصلوا منها، واعتبروها آراء شخصية (!).
الموضوع الثالث هو مسألة اعتقال السلطات الإماراتية عدداً من الإخوان.. والحقيقة أنها ليست المرة الأولى التى يتم فيها اعتقال إخوان بالإمارات، فقد حدث هذا فى عهد الرئيس المخلوع.. لكن هذه المرة تنطوى على مغزى آخر هو محاولة الضغط على الإخوان الذين يتولون سدة الحكم فى مصر الآن..لا أدرى لمصلحة ولحساب من؟ هل لحساب دولة الإمارات ذاتها لتمرير مشروعات اقتصادية بعينها فى مصر؟ ربما.. إن الاتهام الموجه لهؤلاء المصريين المعتقلين أنهم كانوا يسعون لقلب نظام الحكم فى الإمارات هو اتهام مضحك..ولماذا الإمارات بالذات؟ وهل من الممكن أن تكون هناك اتهامات مماثلة للإخوان الموجودين فى بقية الدول العربية؟ إنه الاتهام نفسه المعلب الذى كان يوجه للإخوان فى مصر فى العهود السابقة.. إن من المعروف والثابت يقيناً أن الإخوان الموجودين فى الإمارات، وفى غيرها من الدول، لا علاقة لهم من حيث النشاط الدعوى بمواطنى هذه الدول، بل لاعلاقة لهم بأى كيان إخوانى تابع لها.. المشكلة التى تثيرها المعارضة أن الإخوان لا يهتمون بالمعتقلين المصريين فى الدول الأخرى إلا إذا كانوا إخوانا(!).
الموضوع الرابع هو مشروعات القوانين التى سوف تعرض على مجلس الشورى فى الأيام القليلة المقبلة، وأقصد بها مشروع القانون الخاص بالتظاهر، والآخر المتعلق بانتخابات مجلس الشعب الجديد.. قيل إن هناك حواراً مجتمعياً حول هذين المشروعين، إلا أن الحوار يتم مع المريدين والأحباب والأصحاب، وهؤلاء لا يمثلون المعارضة الحقيقية.. الأخيرة أعلنت رفضها الحوار، بسبب عدم ثقتها فى الرئاسة، أو عدم جديتها، ولا مناص أمام الرئاسة من استعادة هذه الثقة.. المشروع الأول يسعى لفرض قيود على حق التظاهر، ونسى واضعو المشروع أن الشعب الذى خرج من أجل الحرية وذاق حلاوتها لن يعود إلى القيود مرة أخرى.. مشروع قانون الانتخابات به الكثير من العيوب والثقوب، وما لم يحدث عليه توافق مع قوى المعارضة سوف يكون استمراراً لمزيد من الإضراب السياسى.
فى استقبال العام الميلادى الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق