الأحد، 26 فبراير 2012

"جمهورية مصر العرفية" سامي البحيري .. إيلاف / رأي

رفع ثوار مصر شعارا سرقوه من ثورة تونس، وكان الشعار يقول:" الشعب يريد تغيير النظام"، وبعد 18 يوما فقط لم يتغير النظام بل سقط النظام، فهل سقط النظام لهشاشته وضعفه وفقده لمصداقيته أم لقوة الثوار أم لأن الناس زقهت من حكم حسنى مبارك الذى إستمر قرابة 30 عاما، أم نتيجة لمؤمرات غربية أمريكية إسرائيلية أم لكل هذه العوامل مجتمعة؟ لا أدرى!!
وصاحب سقوط النظام غرور الثوار بأنفسهم مع عدم وجود أى قيادة لديهم أو تنظيم يدينون له بالولاء والطاعة، لذلك إستمروا فى رفع سقف مطالبهم بشكل فوضوى، وللأسف فقد إستجاب لهم المجلس العسكرى وحكومة عصام شرف الضعيفة فى كل مرة يرفعون فيها سقف مطالبهم، فقد كان أقصى أمانيهم قبل أن يخرجوا للتظاهر يوم 25 يناير هو محاكمة قتلة خالد سعيد وإعادة الإنتخابات التشريعية، ثم رفعوا  سقف المطالب إلى تغيير النظام، وبعد أن سقط النظام وتولى المجلس العسكرى الحكم طالبوا بمحاكمة الرئيس وأعوانه، ثم طالبوا بإعدام الرئيس ثم رفعوا شعارا جديدا "يسقط .. يسقط حكم العسكر" ولقد أيدهم ومشى وراءهم العديد من رجال الإعلام السذج والجهلة والمغرضين، وبدأوا فى مهاجمة هياكل الدولة المصرية، فبعد أن كسروا الشرطة والأمن المصرى، هاجموا القضاء، وهاجموا النائب العام، ثم أخيرا أرادوا إسقاط "العسكر"، ولم يبق إلا الخروج بشعار :"تسقط ... تسقط الدولة المصرية" وأراد بضعة مئات أو بضعة ألوف من شباب مصر أن يحكموا مصر من ميدان التحرير ويضربوا بعرض الحائط كل مقومات الدولة، فلم يعجبهم نتائج الإستفتاء على الإعلان الدستورى فهاجموه رغم الإقبال الجماهيري وموافقة المصريين عليه بأغلبية ساحقة، ولم تعجبهم نتائج إنتخابات مجلس الشعب وذلك نظرا لإخفاقهم وفشلهم فشلا ذريعا فى عمل حزب بإسم الثورة، وبدلا من الإعتراف بهزيمتهم فى الإنتخابات وإعادة تنظيم صفوفهم، طلعوا بأعجب شعار بأن " الشرعية فى الميدان .. لا ..فى البرلمان"، ولم يعجبهم بطء محاكمة حسنى مبارك، بالرغم من أن سبب تأخير المحاكمة هم محامو الحق المدنى الممثلين للثوار والذين أرادوا رد المحكمة فتعطلت المحاكمة لأكثر من شهرين، وإعتبروا أن المحاكمة هى عبارة عن تمثيلية، ولم يكتفوا بمهاجمة القضاء المصرى ولكن طالبوا بإقالة النائب العام، وإستمروا فى محاولاتهم لتفكيك الدولة المصرية وكأن هناك خطة لذلك، وإخترعوا من أسماء الجمع المتتالية ما يكفى لشغل المجلدات، ولم يفكروا أبدا فى عمل جمعة بإسم :"جمعة العمل والإنتاج"،  ثم حاولوا عمل أى شئ بإسم القصاص لشهداء الثورة، وأصبح شهداء الثورة هم "قميص عثمان"، حتى المجرمين والبلطجية الذين حاولوا إقتحام أقساام الشرطة أصبغوا عليهم صفة الشهداء وفى نفس الوقت لم يذكر أحد منهم شهداء الشرطة الذين سقطوا دفاعا عن أقسام الشرطة ومديريات الأمن، حتى المذيعة اللامعة "منى الشاذلى" قد سقطت سقطة كبيرة أثناء حوارها مع المستشار "رجائى عطية" عندما سألها سؤالا مباشرا يقول فيه: "هل يعتبر "شهيدا" الجندى المصرى الغلبان الذى سقط قتيلا وهو يدافع عن قسم الشرطة ؟" فتهربت من السؤال بحجة أنها هى التى تسأل وعلى الضيف الإجابة ؟؟؟ وبالرغم أنه أعاد عليها السؤال خمس مرات إلا أنها تهربت من الإجابة فى كل مرة؟؟ وبعد ذلك نتساءل عن أسباب إنعدام الأمن فى مصر، وأنا مؤمن تماما بأن الأمن لن يعود للشارع المصرى إلا إذا بدأت محاولات شعبية وحكومية وتشريعية جادة لإعادة هيبة الشرطة وإحترامها بين الشعب المصرى، ولتبدأ تلك الحملات بالإعتراف بشهداء  ومصابي الشرطة الذين سقطوا فى أثناء الثورة سواء فى السويس أو الإسكندرية أو القاهرة  وفى غيرها من المدن المصرية سواء أمام أقسام الشرطة أم أمام مديريات الأمن أم أمام السجون التى تم إقتحامها.
وبدون الأمن وإحترام أحكام القضاء فإن الدولة المصرية ستتهاوى تحت قبضات الفوضى وقطاع الطرق وأدعياء الثورة، بحيث أصبح التفريق صعبا بين الثوار الحقيقيين والبلطجية وقطاع الطرق والباعة المتجولين الذين إستولوا على شوارع مصر وميادينها.
وبدون إحترام القانون وحزمه الصارم عن طريق الشرطة المصرية والقضاء المصري ستعود مصر إلى عصر ما قبل الإسرات منذ أكثر من 5000 سنة، وترجع إلى  عصر القبيلة، حتى أننا أصبحنا نحتكم إلى الجلسات العرفية لحل مشاكل الناس بدلا من الإحتكام للقانون مثلما حدث مع "الرجل المسيحى الذى فقد ودنه" والذى تم قطع أذنه بناء على حكم محكمة سلفية وبعد أن أحتج على هذا حكمت عليه جلسة المصالحة العرقية بأن يتصالح مع قاطع أذنة رغم أنفه ومرت الجريمة بدون عقاب، وكما حدث فى تهجير عدد من الأسر المسيحية فى العامرية، وكان من الأجدر أن يحال الأمر كله للشرطة وللنيابة وللقضاء لكى يتم التحقيق فيه، ولكن جلسات المصالحة العرفية قامت بكل الأدوار "الشرطة والنيابة والقضاء" وحكمت حكما عرفيا بتهجير بعض الأسر المسيحية رغم أرادتها وبيع ممتلكاتها فى المزاد وهو حكم لا وجود له فى القضاء المصرى.
ومع أنتشار تلك المحاكم العرفية وجلسات الصلح العرفية والتى غالبا ما تحكم ضد الطرف الأضعف، وكذلك مع إنتشار الزواج العرفى فى مصر، ألا يجدر بنا أن نقوم بتغيير أسم مصر فى الدستور الجديد إلى "جمهورية مصر العرفية" بدلا من "جمهورية مصر العربية"؟!!
samybehiri@aol.com
http://65.17.227.85/Web/opinion/2012/2/718920.html?entry=homepagewriters

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق