الجمعة، 17 مايو 2013

الحل بالغزو والتدمير .. محمد سلماوى .. المصرى اليوم


20:55 الخميس 16 مايو 2013
هذه القصة ليست مختلقة، ولا هى رواية خيالية لتسلية القارئ، وإنما هى نقل دقيق لما حدث وحسبما نقلته الصحف الأمريكية، ولقد لفت نظرى إليها صديق تصورته فى البداية يهزر إلى أن عدت بنفسى إلى الأصل.
بطلة القصة هى سارة بالين، التى كانت مرشحة فى الانتخابات الرئاسية فى موقع نائب الرئيس فى حال فوز المرشح جون ماكين المنافس لباراك أوباما، وهى بالطبع تنتمى للحزب الجمهورى قلعة اليمين الأمريكى، الذى جاء منه جورج بوش، لذا فإذا بدا فى حديثها بعض ما يذكرنا بعقلية بوش فذلك طبيعى.
أما القصة فهى أن سارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا السابقة، تمت استضافتها على قناة «فوكس نيوز»، التى لا تقل عنها يمينية بمناسبة تفجيرات بوسطن التى هزت المجتمع الأمريكى كله، وكان الحل الذى دعت إليه المرشحة السابقة فى انتخابات الرئاسة هو أن تقوم الولايات المتحدة، على الفور، بغزو بعض الدول وإلقاء القنابل النووية على البعض الآخر!!
قالت من كان يمكن أن تكون نائبة الرئيس أو الرئيس نفسه: «نحن لا نعرف الكثير عن الآخرين المتهمين فى الانفجارات، لأن التحقيقات لم تنته بعد، لكن هذا هو وقت التحرك، فنحن نعرف أن الأخوين مسلمان وأنهما من جمهورية التشيك، وأؤكد لك أننى أتحدث بلسان الأمريكيين جميعاً حين أقول إن علينا أن نذهب إلى هناك فوراً ونلقن هؤلاء القوم درساً لن ينسوه، ولا أقصد التشيك وحدها، وإنما كل الدول العربية، يجب أن نقول لكل العرب إنه ليس بإمكانهم أن يأتوا إلى هنا ويفجروا الأماكن، علينا أن نقذف بقنبلتين نوويتين على إسلام آباد، ونحرق براغ، ثم ندمر طهران، يجب أن نظهر لهم أننا جادون».
وهنا تدخل مقدما البرنامج لتصحيح بعض الأخطاء الجغرافية الفادحة فى حديث بالين قائلين: «إن إسلام آباد هى عاصمة باكستان والتى ليست دولة عربية، وطهران عاصمة إيران وهى فارسية، كما أن التشيك ليست عربية ولا إسلامية، ومع ذلك فما تقولينه كلام منطقى، ولا شك أن معظم الأمريكيين يرغبون فى أن يتصرف أوباما على هذا النحو».
لكن بالين لم تقبل هذا التصحيح فقالت: «ما تقوله هو أجهل ما سمعت فى حياتى، كيف تقول إن جمهورية التشيك ليست إسلامية؟ لقد رأينا أن الأخوين المتهمين مسلمان وشيشانيان»، فقال أحد المقدمين: «نعم هما مسلمان ومن أصل شيشانى، لكنهما تربيا فى الولايات المتحدة، كما أن الشيشانيين ليسوا من جمهورية التشيك بل من الشيشان، وهى جزء من روسيا».
هنا انفجرت بالين غاضبة وهى تقول: «وما الفرق؟ أليست روسيا جزءاً من جمهورية التشيك؟»، فرد عليها المقدم الآخر: «لا إن التشيك دولة مستقلة، وهى جزء من الاتحاد الأوروبى وتعتبر حليفاً قوياً للولايات المتحدة فى حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، ومع ذلك فلما لا نغزو هذه الدول، ما الضرر؟».
ثم أضاف: «وعلينا أن نتصل بملكة إنجلترا حتى تأتى بريطانيا معنا كما فعلت فى العراق».
لقد أذيع هذا اللقاء عدة مرات ونقلت الصحف الأمريكية مضمونه، مضيفة إليه بياناً أصدرته المرشحة الرئاسية السابقة تتهم فيه الإعلام الأمريكى بالانحياز للإسلام ولمقدمى البرنامج اللذين استضافاها بالدفاع عن التطرف الإسلامى، مستخدمين بعض البيانات الجغرافية التى لا أهمية لها، وقالت إن مثل هذا الإعلام لا يصارح المواطنين بحقيقة الإسلام المتطرف.
فهل يحتاج هذا إلى تعليق؟ هل يمكن أن يكون هذا هو المستوى ـ لا أقول الثقافى ـ لبعض الساسة الأمريكيين؟ فالمسألة لا تقترب على الإطلاق من الثقافة، وإنما هى قضية معلومات عامة أولية، وعقلية بلهاء لم تبرح مرحلة رعاة البقر فى حربهم ضد الهنود الحمر، فهل نعجب بعد ذلك إذا كان نصف ساسة الأمريكيين من الحزب الجمهورى بهذا التفكير والنصف الآخر من الديمقراطيين يدعمون حكم الإخوان المستبد فى المنطقة العربية؟!!
msalmawy@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق