هل يمكن أن يقوم نائب الرئيس، باعتباره قانونياً، بالدفاع عن محاميى الإخوان فى قضية سب المحكمة الدستورية؟.. هل يقف فى ساحة القضاء وهو يلبس روب المحاماة لأول مرة، أم أن هذا الدور يقتصر فقط على مستشارى الرئيس؟.. أمس ترافع «العوا» عن «الحافى» و«عبدالمقصود».. هل يعتبر ذلك إرهاباً للمحكمة؟.. هل يترافع «العوا» كمحام أم كمستشار للرئيس؟!
حين قرأت الخبر أمس توقفت أمامه طويلاً.. الخبر يقول «وصل الدكتور سليم العوا، مستشار الرئيس للعدالة الانتقالية، لمحكمة جنايات جنوب القاهرة بالتجمع الخامس، للدفاع عن عبدالمنعم عبدالمقصود وناصر الحافى، محاميى الإخوان، فى أولى جلسات محاكمتهما، بتهمة سب المحكمة الدستورية».. لاحظ التعريف المصاحب للدكتور العوا، إنه مستشار رئيس الجمهورية!
معناه أن مؤسسة الرئاسة هى التى تترافع عن محاميين متهمين بسب المحكمة الدستورية.. هذا هو المعنى الذى يتسرب إليك مباشرة.. خاصة إذا علمت أن الرئيس نفسه كان فى مواجهة هذه المحكمة.. أيضاً هذه المحكمة هى التى قضت ببطلان البرلمان.. غير هذا بالطبع أن الرئيس ينتمى إلى الجماعة التى ينتمى إليها المحاميان المتهمان.. أفهم أن «الرئاسة» فى مواجهة «الدستورية»!
من السهل القول إن الدكتور العوا سوف يترافع كمحام، وليس كمستشار للرئيس.. هذا هو الوضع القانونى طبعاً، وإن كان فيه تبسيط.. فمن يستطيع أن يفصل بينه كمحام وكمستشار للرئيس؟.. لماذا كان المحامى المتصدر للدفاع مستشاراً للرئيس وليس أحداً غيره، لإزالة الحرج عن مؤسسة الرئاسة؟.. متى يحظر الرئيس على مستشاريه القيام بأعمال أخرى منعاً لتضارب المصالح؟!
اللافت للنظر أن الهيئة الاستشارية للرئيس تتصرف دون قواعد أو ضوابط رئاسية.. بغض النظر عن حالة «العوا» الآن.. أتحدث عن عموم الهيئة الاستشارية كلها.. الإعلامى يقدم برامج فضائية، والسياسى يدلى بتصريحات لا نستطيع التمييز فيها بين الخاص والعام.. لا نفرق بينه كشخص أو كمستشار للرئيس.. أظن أنها حالة شاذة فى تجربتنا بعد الثورة.. يظهر شذوذها كل يوم!
ما الفرق بين المستشار ونائب الرئيس؟.. لا فرق.. هذا تابع لمؤسسة الرئاسة، وهذا تابع لمؤسسة الرئاسة.. ما الذى يجعل دفاع «العوا» مسموحاً، بينما يجعل دفاع مكى محظوراً؟.. كلاهما محظور.. وكلاهما ينبغى أن يتوقف عن عمل أى شىء آخر، إذا كان مازال يتعامل على أنه مستشار، أو نائب للرئيس.. غير مقبول أن تغض مؤسسة الرئاسة الطرف عن هذه التصرفات بحجة أنها شخصية!
لماذا ضربت مثلاً بنائب الرئيس المستشار محمود مكى؟.. أقصد أن يكون المثل صارخاً.. ما يسرى على النائب يسرى على المستشار.. إن كان الرئيس يريدهم مستشارين فأهلاً وسهلاً.. وإن كانوا لا يريدون أن يكونوا مستشارين فليتركوها فوراً.. الأهم فى الحكاية ألا يكون هناك تضارب مصالح.. ألا يكون هناك خلط بين العام والخاص.. ألا يكون كارنيه سيادة المستشار لإرهاب القضاء(!)
الكرة الآن فى ملعب الرئيس.. هو المسؤول عن هيئته الاستشارية.. استخدام الصفات الرئاسية غير مقبول.. ما يحدث من أخطاء فى رقبة الرئيس.. حين عرّفوا «العوا» قالوا إنه مستشار الرئيس.. لم يقولوا المحامى بالدستورية.. هل محاكمة الحافى وعبدالمقصود مواجهة بين مؤسستين: الرئاسة من جانب، والدستورية من جانب آخر؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق