عندما كنا طلابا فى السنة النهائية فى كلية الطب بجامعة القاهرة فى أواخر الثمانينيات حكى لنا أستاذنا فى الامراض الباطنية قصة عن مريض جاءه يشتكى من صداع مزمن منذ فترة طويلة وإستشار الكثير من الأطباء وتم عمل تحاليل واشعات كثيرة وُوصف له الكثير من أدوية الصداع ولكن الصداع لم يختفى ----
وإحتار الدكتور بعد الكشف عليه والإطلاع على كل ماتم من فحوصات وطلب منه بعض الفحوصات الاضافية ---- على ان يراجعه بعد الانتهاء منها ولكن المريض عاد له بعد ايام قليلة وهو يشتكى من زيادة حدة الصداع منذ يومين !!!
وقال للدكتور : زاد على الصداع بعدما اصطدمت رأسى بالتندة التى بالمحل وهنا قال له الدكتور وماذا تعمل فقال خياطاً واملك محلا صغيرا به سندرة علوية اصعد لها بين الحين والاخر -------
فقال الدكتور : إذا قد يكون السبب فى هذا الصداع الشديد هو ماتعرضت له من صدمة فى الرأس فقال له المريض يادكتور أنا بتخبط فى هذه التندة منذ زمن بعيد !!!!!
وهنا تنبه الدكتور وأعاد سؤاله بالتفصيل وإتضح ان هذا المريض يتعرض لهذه الصدمات بشكل شبه يومى منذ زمن بعيد وأضاف : فعلا يادكتور اليوم اللى مبتخبطش فيه تقريبا بيختفى الصداع ----
وهنا إستطاع الدكتور ان يشخص الحالة " فالصداع كان سببه الصدمات المتكررة فى الرأس" وطلب من المريض ازالة هذه التندة أو تغيير موضعها وقد كان --- وعاد المريض له بعد فترة وهو لايعانى من هذا الصداع الذى حيره وحير الأطباء معه !!!!!
ان الدارس لعلوم الطب يدرى تماماً ان التشخيص أصعب وأهم بكثير من وصف العلاج فإذا كان التشخيص سليما ويرتكز على أصول مرعية وقواعد طبية مدعومة بالأدلة العلمية ---- كان العلاج سهلاً للغاية ويستطيع اى طبيب أن يشير إلى سبل العلاج ----- والكثير من الكوارث الطبية التى تحدث يكون منشأها هو القفز للعلاج قبل إكتمال التشخيص ومعالجة الأعراض وليس الأمراض----
ولقد سمعنا وقرأنا خلال العقود الماضية عن أخطاء طبية قاتلة ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر نسيان فوطة أو مقص أو جفت فى بطون المرضى وهذا عائد إلى ارتباك وإهمال إما من الطبيب أو من الطاقم المعاون – ولوحظ أن هذه الأخطاء تزيد نسبتها في عمليات الاستكشاف والتي يلجأ لها بعض الجراحين عندما يفشلون في الوصول لسبب واضح للأعراض وخاصة في منطقة البطن فيفتحون علهم يرون شيئا بأعينهم مافشلت أن تظهره الفحوصات والأشعات ---
وفى بعض الأحيان لايجدون شيئا مرئيا كورم أو انسداد او التهاب او التواء فى المصران مثلاً ---- فيغلقون الجرح وكأنك ياأبو زيد ماغزيت -----
وهناك بعض الجراحين قليلى الخبرة بعد مايقوم بالفتح يحتار ماذا يفعل ولسان حاله يقول لمن حوله "هو منين يودى على فين" ثم يقوم بغلق الجرح وخياطته وخلاص!!!
إن هذه المقدمة عن الطب وعلومه نستطيع أن نعكسها على واقعنا الآن فمصرنا تعرضت لأمراض كثيرة خلال عصور الإستبداد ونحتاج لتشخيص سليم ممن يتولون أمورنا – والتشخيص السليم يتطلب معرفة جذور المشكلة وتداعياتها وقراءة التاريخ جيداً لنستطيع أخذ التاريخ المَرضى لعلة مصر بشكل مفصل وواضح مع الإلمام بكل الإشكاليات والتى قد تعوق صورة من صور العلاج ---
وكما قلنا اذا صح التشخيص سهل العلاج نتمنى من الله أن لا يقوم من سيضطلعون بأمور مصر بفتح بطنها قبل التأكد من الوصول لتشخيص صحيح وسليم وإلا ستُنسى الفوطة فى بطن مصر .
فيأيها الجراحون الأفاضل :
عدوا فوطكم وأدواتكم قبل العملية وبعدها.
لاتنسوا الفوطة - بوابة الأهرام
وإحتار الدكتور بعد الكشف عليه والإطلاع على كل ماتم من فحوصات وطلب منه بعض الفحوصات الاضافية ---- على ان يراجعه بعد الانتهاء منها ولكن المريض عاد له بعد ايام قليلة وهو يشتكى من زيادة حدة الصداع منذ يومين !!!
وقال للدكتور : زاد على الصداع بعدما اصطدمت رأسى بالتندة التى بالمحل وهنا قال له الدكتور وماذا تعمل فقال خياطاً واملك محلا صغيرا به سندرة علوية اصعد لها بين الحين والاخر -------
فقال الدكتور : إذا قد يكون السبب فى هذا الصداع الشديد هو ماتعرضت له من صدمة فى الرأس فقال له المريض يادكتور أنا بتخبط فى هذه التندة منذ زمن بعيد !!!!!
وهنا تنبه الدكتور وأعاد سؤاله بالتفصيل وإتضح ان هذا المريض يتعرض لهذه الصدمات بشكل شبه يومى منذ زمن بعيد وأضاف : فعلا يادكتور اليوم اللى مبتخبطش فيه تقريبا بيختفى الصداع ----
وهنا إستطاع الدكتور ان يشخص الحالة " فالصداع كان سببه الصدمات المتكررة فى الرأس" وطلب من المريض ازالة هذه التندة أو تغيير موضعها وقد كان --- وعاد المريض له بعد فترة وهو لايعانى من هذا الصداع الذى حيره وحير الأطباء معه !!!!!
ان الدارس لعلوم الطب يدرى تماماً ان التشخيص أصعب وأهم بكثير من وصف العلاج فإذا كان التشخيص سليما ويرتكز على أصول مرعية وقواعد طبية مدعومة بالأدلة العلمية ---- كان العلاج سهلاً للغاية ويستطيع اى طبيب أن يشير إلى سبل العلاج ----- والكثير من الكوارث الطبية التى تحدث يكون منشأها هو القفز للعلاج قبل إكتمال التشخيص ومعالجة الأعراض وليس الأمراض----
ولقد سمعنا وقرأنا خلال العقود الماضية عن أخطاء طبية قاتلة ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر نسيان فوطة أو مقص أو جفت فى بطون المرضى وهذا عائد إلى ارتباك وإهمال إما من الطبيب أو من الطاقم المعاون – ولوحظ أن هذه الأخطاء تزيد نسبتها في عمليات الاستكشاف والتي يلجأ لها بعض الجراحين عندما يفشلون في الوصول لسبب واضح للأعراض وخاصة في منطقة البطن فيفتحون علهم يرون شيئا بأعينهم مافشلت أن تظهره الفحوصات والأشعات ---
وفى بعض الأحيان لايجدون شيئا مرئيا كورم أو انسداد او التهاب او التواء فى المصران مثلاً ---- فيغلقون الجرح وكأنك ياأبو زيد ماغزيت -----
وهناك بعض الجراحين قليلى الخبرة بعد مايقوم بالفتح يحتار ماذا يفعل ولسان حاله يقول لمن حوله "هو منين يودى على فين" ثم يقوم بغلق الجرح وخياطته وخلاص!!!
إن هذه المقدمة عن الطب وعلومه نستطيع أن نعكسها على واقعنا الآن فمصرنا تعرضت لأمراض كثيرة خلال عصور الإستبداد ونحتاج لتشخيص سليم ممن يتولون أمورنا – والتشخيص السليم يتطلب معرفة جذور المشكلة وتداعياتها وقراءة التاريخ جيداً لنستطيع أخذ التاريخ المَرضى لعلة مصر بشكل مفصل وواضح مع الإلمام بكل الإشكاليات والتى قد تعوق صورة من صور العلاج ---
وكما قلنا اذا صح التشخيص سهل العلاج نتمنى من الله أن لا يقوم من سيضطلعون بأمور مصر بفتح بطنها قبل التأكد من الوصول لتشخيص صحيح وسليم وإلا ستُنسى الفوطة فى بطن مصر .
فيأيها الجراحون الأفاضل :
عدوا فوطكم وأدواتكم قبل العملية وبعدها.
لاتنسوا الفوطة - بوابة الأهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق