العدد 43 - تشرين الأول 2011
في سياق مهمّتها المستمرّة في فضح الفساد الثقافي العربي، تنشر «الغاوون» نص البرقية التي رفعها محمود درويش وسليم بركات وشربل داغر وجابر عصفور وحسونة المصباحي وآخرون إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين أثناء مشاركتهم في مهرجان المربد السادس سنة 1985.
والغريب أن الكتاب الذي أخذنا منه هذه البرقية المُخزية («الخاكية» للعراقي عباس خضر) كان قد صدر سنة 2005، وأن أحداً ممن كتب عنه في الصحافة اللبنانية (أو سرق مادته دون الإشارة إليه) لم يتناول هذه البرقية التي نتحدّث عنها، لا من قريب ولا من بعيد، بل تمّ تجاهلها تماماً وكأنها لم تكن. وذلك - كما لا يخفى على أحد - لأن لهم بين موقّعيها أصدقاء يُدارون بعضهم و«يخافون» بعضهم الآخر.
في الشهر الفائت وصلنا الكتاب المذكور هديةً من أحد الأصدقاء العراقيين، وقد هالتنا كمّية العار التي صنعتها النخبة الثقافية العربية بقابليتها الكبيرة لقبول أي رشوة أو عطية من أي طاغية مهما كانت كمية الدم التي على يدَيه.
بالطبع، نحن لنا أيضاً أصدقاء بين هؤلاء، لكننا لن نتستّر على أيّ منهم، ورائدنا في ما نقوم به هو أن على كل مثقف أن يتحمَّل وزر أعماله. خصوصاً في هذه المرحلة التي صارت فيها صناعة البطولة إحدى الصناعات الخفيفة والسريعة. خذوا مثلاً مسؤول الثقافة في جريدة «الأخبار» (التي بات لها اليوم مهمة وحيدة هي التضليل على الدم السوري الذي يسيل منذ سبعة أشهر) الأستاذ بيار أبي صعب. فهو يُقدِّم نفسه اليوم بطلاً في ثقافة المقاومة، ويُزايد على الآخرين فيها، بعدما عمل طوال 15 عاماً كمسؤول في الصحافة الوهابية والتي نشر فيها مدائح عن آل سعود يندى لها الجبين (وقريباً سننشر مقتطفات مطوّلة من تلك المدائح والتي تقدِّم دليلاً فاقعاً على انتهازية المثقف العربي واستخفافه بذاكرة قرائه).
وفي الآتي نص البرقية:
«لقد رأينا يا سيادة الرئيس كيف تقذفون بالحق على الباطل بكلمة «لا» فإذا هو زاهق. وكيف تُشمِّرون عن سواعدكم بكلمة «نعم» لإضاءة موطن المستقبل العربي... وليس لنا نحن الأدباء والشعراء العرب المشاركين في مهرجان المربد السادس إلا أن نتوضّأ بماء النصر الذي قدْتم العراق إليه، فحملتم به عبئاً عنا وقدَّمتموه لنا هدية، هي هدية التاريخ للأجيال القادمة ضوءاً وأمثولة وفداء...».
التوقيع: محمود درويش، سليم بركات، شربل داغر، جابر عصفور، غالي شكري، محمد إبراهيم أبو سنة، سلمى الخضراء الجيوسي، إبراهيم نصرالله، حسونة المصباحي، محمد الغزي...
«الغاوون»، العدد 43، 10 تشرين الأول 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق