أحد الزملاء كتب على الفيس بوك قبل أيام يقول: «لو أن الديمقراطية هى الفوضى والمظاهرات والحرق والتدمير ووقف الحال الذى يؤدى إلى انهيار الاقتصاد وتعريض الأمن القومى للخطر.. يبقى ملعون أبوالديمقراطية».
الكفر بالديمقراطية - عماد الدين حسين - بوابة الشروقبمجرد أن كتب الزميل هذه الكلمات انهالت عليه التعليقات المؤيدة، بل إن بعضها زاد قائلا إنه لم يؤمن يوما ما بالديمقراطية.
هذ الأمر ليس مفاجئا، معظمنا لم يترب على الديمقراطية، وإيماننا بها هش جدا.
الذى حدث فى الثمانية عشر يوما من 25 يناير حتى 11 فبراير 2011 كان شيئا يبدو أقرب للخيال، كان هو ما نتمناه لمصرنا فى المستقبل، والمؤكد أنه يحتاج لوقت طويل وجهد كبير حتى ينمو ويترسخ، عندما نبدأ تعلم كيف نصبح ديمقراطيين.
لسوء حظ مصر أن القوى الرئيسية فى المجتمع الآن قد لا تكون مهمومة بدمقرطة مصر على أرض الواقع.
التيار الإسلامى حقق ما أراد من العملية الديمقراطية وحصد حصة الأغلبية فى معظم الاستحقاقات الانتحابية سواء فى مجلسى الشعب المنحل أو الشورى الراهن أو الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاء على الدستور.
وكل ما يتم الان من فوضى فى الشارع باسم الديمقراطية لا يفيد إلا التيار الإسلامى خصوصا الإخوان، لأن الرجل البسيط «المشغول بلقمة العيش» يقول إن الإخوان وصلوا للحكم بالديمقراطية، فى حين أن خصومهم يريدون نزع الحكم عنهم بطريقة غير ديمقراطية.
كان البعض يستعجب عندما نقول إن المستفيد الأكبر من الاعتصامات المستمرة وإغلاق ميدان التحرير وسائر الميادين واستخدام المولوتوف وتعطيل الطرق والمواصلات لا يصب إلا فى مصلحة الإخوان.
هل نلوم الإخوان أنهم يستفيدون من أخطاء خصومهم؟.
المؤكد لا، بل علينا أن نلوم هؤلاء المراهقين سياسيا الذين لم يعرفوا جوهر الديمقراطية، واعتقدوا أنها احتجاجات فقط.
القوة الرئيسية الثانية فى المجتمع هى أجهزة الأمن، سواء كانت القوات المسلحة أو وزارة الداخلية. هذه القوى بطبعها لم تتعود على العمل فى مناخ ديمقراطى، كل لأسباب مختلفة. الجيش كان عمليا هو صاحب القرار الأكبر منذ عام 1952، ولعب دورا عظيما فى حماية وتشجيع ثورة 25 يناير، لكن مكائد وفخاخا كثيرة نصبت له إضافة إلى قلة خبرته السياسية، الأمر الذى أدى إلى تشويه دوره وخروج قوى وجماهير تهتف ضده.
الشرطة بتكوينها الذى نعرفه، ليس فقط لم تتأسس على الإيمان بالديمقراطية، بل على كراهيتها ومحاربتها لأسباب متعددة أهمها أن ثورة 25 يناير كسرتها، كما أن أى شروع فى حياة ديمقراطية سليمة يعنى عمليا تهديد كل بقايا دولة الشرطة القديمة التى لاتزال فاعلة حتى الآن.
القوة الثالثة الرئيسية هى غالبية المواطنين، وفى ظل غياب استطلاعات رأى دقيقة فإنه يمكن الاستدلال على ما يقوله المواطنون العاديون فى الشارع ووسائل المواصلات وما يمكن تسميته الحالة العامة. هؤلاء يريدون الاستقرار والأمن والحد الأدنى من «العيشة الكريمة»، وغالبيتهم على أتم استعداد للحصول على هذه الخدمات مقابل التضحية بأى شىء حتى لو كان الحرية والديمقراطية.
ومرة أخرى لا يمكن لوم أى شعب عندما يطالب بالأمن والاستقرار.
إذن يمكننا أن نستخلص ببساطة أن استمرار العنف ومظاهر الانفلات الشاملة تصب فقط فى صالح أولئك الذين يريدون أن يكفر الناس بالديمقراطية ويلعنوا اليوم الذى سمعوا فيه بالثورة وبكلمة الديمقراطية.
هل الصورة سوداوية تماما؟.
الوضع مرتبك وقاتم، لكن الأمل أن تنشط القوى والأحزاب والهيئات التى تدعى أنها ديمقراطية ومدنية كى تمارس عملا سياسيا حقيقيا يعيد الثقة إلى الناس بجدوى الحرية والديمقراطية، أما الرهان الحقيقى فينبغى أن يكون على أولئك الذين خرجوا يوم 25 يناير وحتى 11 فبراير، وهتفوا للحرية والديمقراطية من كل قلوبهم سواء كانوا إسلاميين أو ليبراليين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق