صندوق النقد الدولي
وغادرت بعثة صندوق النقد القاهرة أمس الثلاثاء بعد محادثات استمرت 12 يوما دون التوصل إلى اتفاق بشأن القرض المقترح بقيمة 4.8 مليار دولار، والذي تحتاجه مصر لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان.
وأعلن الطرفان إحراز تقدم في المحادثات وقالا إنها ستتواصل. لكن دبلوماسيين ومحللين يرون الحكومة ضعيفة وعاجزة، وتفتقر إلى الخبرة الاقتصادية وغير قادرة فيما يبدو على الالتزام بإصلاحات متواضعة نسبيا طلبها الصندوق. فالوضع الداخلي المتوتر في البلاد يجعل أي صفقة مشحونة سياسيا.
وقال وزير التخطيط أشرف العربي: إن المفاوضات كانت صعبة وركزت على إجراءات تعويض الفقراء عن رفع أسعار الطاقة بعد خفض دعم الوقود.
وتوقع الوزير التوصل إلى اتفاق سواء أثناء حضور وزراء مصريين اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي هذا الأسبوع في واشنطن أو في مايو ايار المقبل إذا عادت بعثة الصندوق إلى مصر.
وتشكك اقتصاديون ومحللون في ذلك، فقال سمير رضوان وزير المالية الأسبق في اتصال مع رويترز "هم يدعون أنهم جادون بشأن إبرام صفقة مع الصندوق لكنهم غير جادين فعليا."
وأضاف "ليس هناك أي شخصية ذات وزن بين وزراء المجموعة الاقتصادية. يؤسفني أن أقول ذلك.. ليس هناك شخص لديه خبرة جادة سوى محافظ البنك المركزي".
وكان رضوان الذي شغل منصب وزير المالية لعشرة أشهر بعد ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك قد تفاوض على قرض بقيمة 3.2 مليار دولار مع صندوق النقد بشروط مخففة لكن المجلس العسكري الحاكم للبلاد آنذاك لم يوافق على الصفقة.
وقال رضوان إن مصر تحتاج بشدة إلى قرض الصندوق لتحقيق الاستقرار الاقتصادي بعد تدهور احتياطي النقد الأجنبي وتراجع السياحة والاستثمار ولاستعادة ثقة المستثمرين، وهذه وجهة نظر يشاركه فيها اقتصاديون آخرون.
لكن تدفق خمسة مليارات دولار على مصر كتمويلات مؤقتة من قطر وليبيا الأسبوع الماضي وإمكانية حصول البلاد على أموال إضافية من أصدقاء عرب وربما من دول مجموعة بريكس دون شروط مزعجة كما في حالة قرض الصندوق أزالا الاستعجال.
ويسافر مرسي إلى روسيا يوم الجمعة المقبل لطلب نفط وغاز وقمح ومعاونة في إنشاء صوامع حبوب بشروط ميسرة وربما قرض بقيمة ملياري دولار حسبما أفاد مصدر في موسكو.
وتقوم الحكومة بترشيد استيراد الوقود والقمح لتوفير احتياطي العملة الصعبة ما تسبب في طوابير انتظار طويلة أمام محطات الوقود ورفع أسعار الغذاء والوقود المهرب.
وقال اقتصاديون في سيتي بنك في مذكرة بحثية "بدون صفقة الصندوق مازلنا نرى مصر قادرة على تدبير أمورها وتجنب أزمة في ميزان المدفوعات أو الميزانية على الأقل حتى نهاية العام الحالي وربما لفترة أطول."
وقال سياسيون مصريون ودبلوماسيون التقوا اندرياس باور رئيس بعثة الصندوق إنه شعر بإحباط لعدم وجود خطط واضحة لدى الحكومة للإصلاح المالي والاقتصادي وعدم تحمل المسؤولية عن برامج إصلاح الدعم.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية ألغى وزراء خططا لفرض ضرائب على توزيعات أرباح الأسهم
والأرباح الاستثمارية في صفقات الاستحواذ بعد أيام من إعلان تلك الخطط وقلصوا نطاق زيادات ضريبية مقترحة وعززوا احتمالات تأجيل خطة لترشيد دعم الوقود من خلال بطاقات ذكية.
وقال وزير البترول أسامة كمال لرويترز يوم الاثنين الماضي إن دعم الوقود، سيكلف مصر أكثر من 120 مليار جنيه (17.4 مليار دولار) هذا العام، وهو ما يتجاوز التوقعات السابقة ويؤدي لتفاقم عجز الموازنة.
وتم وضع مشروع موازنة السنة المالية، التي تبدأ في يوليو والذي تم إرساله إلى البرلمان يوم الاثنين الماضي بافتراض تحقيق نمو اقتصادي حقيقي يتجاوز مثلي التوقعات الرسمية للحكومة التي تبلغ أربعة في المئة، والتي يراها بعض الاقتصاديين مبالغة في التفاؤل.
وتستطيع الأموال القطرية والليبية إحداث استقرار مؤقت لاحتياطي النقد الأجنبي الذي هبط من 36 مليار دولار أثناء ثورة 2011 إلى 13.4 مليار فقط في مارس، وبالفعل استقر سعر الدولار بالسوق السوداء الآن.
وقال دبلوماسي غربي إن مصر قد تنفق 18 شهرا أخرى في التجربة والخطأ حتى تحصل على قرض الصندوق.
وذكرت شخصيات التقت الرئيس مرسي هذا الشهر أنه يدرس فكرة المصالحة السياسية مع أحزاب المعارضة عبر تعيين حكومة كفاءات تمثل طيفا أوسع مع استبدال النائب العام المرفوض من القوى الليبرالية.
ويدفع متشددون في جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة برؤية بديلة تتمثل في تجشم العناء حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة أملا في فوز حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة بأغلبية المقاعد، كما حدث في أول انتخابات بعد الثورة.
وقال جهاد الحداد المتحدث باسم الإخوان لرويترز "كان على الحكومة التحلي بذكاء أكبر فيما تطرحه لصندوق النقد" مضيفا أنها لم تؤد عملها.
وذكر أن مقترحات إصلاح منظومة الدعم التي تسربت لا تناسب بلدا خرج للتو من ثورة.
وقال وزير التخطيط: إن الحكومة ستدفع مبالغ نقدية للأسر الفقيرة اعتبارًا من يوليو تعويضا عن رفع أسعار الكهرباء والغاز.
لكن هانية شلقامي أستاذة الانثروبولوجيا المتخصصة في إصلاح الدعم ومكافحة الفقر تساءلت: إن كان لدى الحكومة الأدوات اللازمة لإدارة هذا البرنامج بنجاح.
وقالت "70 في المئة من الأسر سوف تتضرر من تحرير أسعار الكهرباء والغاز بداية من يوليو. 70 في المئة حول خط الفقر .. وأصبحوا أشد فقرا نتيجة تضخم أسعار الغذاء والوقود".
وقالت "أخشى أن تطلق السلطات برنامجا بدوافع سياسية، ثم يبدد الفساد وسوء التنفيذ والتضخم فوائده".
"رويترز": مصر قد تدبر أمرها بدون قرض حتى لا ينفجر الوضع بسبب الدعم - بوابة الأهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق