الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

وزير خارجية فرنسا: «الفيلم المسيء» فظيع ودنيء.. لكن لا مبرر للاعتداءات (حوار) .. المصرى اليوم


يصل القاهرة اليوم وزير الخارجية الفرنسى «لوران فابيوس» فى أول زيارة له بعد وصول الرئيس محمد مرسى للحكم. ويركز فابيوس فى زيارته التى تستمر يومين على دعم باريس لمواصلة عملية الانتقال السياسى فى مصر وإعادة إطلاق الاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى الأزمة السورية. ومن المقرر أن يلتقى «فابيوس» مع محمد كامل عمرو، وزير الخارجية، ونبيل العربى، الأمين العام للجامعة العربية، وأحمد الطيب، شيخ الأزهر، بالإضافة إلى شخصيات سياسية وحقوقية، ويستقبله «مرسى» فى قصر الرئاسة غدا. تولى «فابيوس» رئاسة الحكومة الفرنسية خلال عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميتيران، كما تولى رئاسة الجمعية الوطنية «البرلمان» لفترتين، ورئاسة الحزب الاشتراكى فى التسعينيات. وتعد زيارة «فابيوس» لمصر هى الأولى منذ توليه حقيبة الخارجية فى مايو الماضى. «المصرى اليوم» حاورت «فابيوس» عبر البريد الإلكترونى قبل ساعات من وصوله إلى القاهرة، وإلى نص الحوار:
ما أهداف الزيارة، وما القضايا الأساسية التى ستناقشها مع المسؤولين المصريين؟.
- أتيت للاستماع للمسؤولين المصريين وكى أعبر لهم، بناء على طلب الرئيس فرانسوا أولاند، ورغبة فرنسا فى تقديم إسهامها فى إنجاح العملية الانتقالية السياسية فى مصر. نحن نريد أن نعمل مع السلطات والشعب المصرى من أجل مزيد من التقارب بين بلدينا فى خدمة التنمية والتقدم والديمقراطية والسلام. وسأتناول معهم نظرتهم حول المرحلة اللاحقة من العملية الانتقالية المؤسسية. وسنتحدث أيضاً عن المساهمة التى يمكن أن تقدمها فرنسا فى إعادة إطلاق الاقتصاد المصرى من أجل مرافقة هذه العملية، وكذلك المجالات العديدة والمشروعات المتنوعة للغاية التى يعمل فيها بلدانا معا، مثل الجامعة الفرنسية والتعاون القضائى والأبحاث الزراعية. وبما أن مصر قد عادت إلى المشهد الدولى، سنبحث الجهود التى يمكن أن نبذلها بصورة مشتركة من أجل تسوية الأزمات الدولية، وعلى رأسها الأزمة السورية.
الرئيس فرانسوا أولاند أكد أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر ودول الربيع العربى تعد أولوية لبلاده، كيف تنوى فرنسا تحقيق ذلك؟.
- يستدعى نجاح العملية الانتقالية السياسية فى مصر، كما فى أى بلد آخر، التعامل بعزيمة مع المصاعب الاقتصادية والاجتماعية، وإلا فهذه المصاعب تخلق توترات تشكل خطراً على نتائج هذه العملية. إن إعادة إطلاق النشاط والنمو فى مصر ليست فقط أولوية اقتصادية ولكن أيضاً ضرورة سياسية. وتسعى فرنسا لأن تلعب دورها كاملاً فى هذا الأمر مع شركائها، ولاسيما الأوروبيين.
وبهذه الذهنية، سنقوم بالوفاء بالتزاماتنا المتخذة خلال قمة «دوفيل» للدول الثمانى الصناعية الكبرى، حيث وعدت فرنسا بتمويلات ميسرة للسلطات المصرية بحوالى 650 مليون يورو «5.2 مليار جنيه». وسيتم وضع جزء كبير من هذا المبلغ فى متناول السلطات المصرية بحلول نهاية عام 2012. ويتعين أن يسمح هذا الجهد الاستثنائى، برغم القيود الاقتصادية التى نمر بها فى فرنسا وفى منطقة اليورو، بتنمية مشروعات البنية التحتية من أجل تحسين الظروف المعيشية للمصريين فى المدن كما الريف. وسنعمل أيضاً على حشد جهود الشركات الفرنسية كى تعزز تواجدها فى مصر. وسيزور وفد من رؤساء الشركات الفرنسية القاهرة فى نهاية أكتوبر من أجل اكتشاف الإمكانات التى تنبئ بها مصر الجديدة.
إذا كانت فرنسا تخطط لمساعدة مصر باستثمارات مالية ومشروعات اقتصادية، فلماذا أعلنت بعض البنوك الفرنسية الكبيرة فى مصر، «سوسيتيه جنرال» و«باريبا» عن طرح حصصهم للبيع؟.
- إن رغبة السلطات الفرنسية فى مجال التعاون الاقتصادى مع مصر كاملة كما ذكرت سابقا، والحالات التى تشيرون إليها تتعلق بقرارات اتخذتها شركات خاصة، وهى فقط المسؤولة عن تحديد استراتيجياتها فى التنمية الدولية، فالحالات تختلف للغاية وفقاً لكل مصرف. ولكن رغبتى هى أن يظل تواجد المصارف الفرنسية فى مصر قوياً.
ما مستقبل العلاقات بين القاهرة وباريس فى ظل نظام الحكم الجديد؟.
- إن فرنسا ومصر والشعبين الفرنسى والمصرى يربطهم علاقات صداقة قديمة وعميقة. كانت هذه الصداقة دائما ركيزة حوار وثيق ومبنى على الثقة بيننا. ويكمن مستقبل العلاقات بين القاهرة وباريس فى مواصلة هذه الصداقة بين الشعبين، وهذا الحوار بين الحكومات فى خدمة قيم بعينها هى الرخاء والسلام والديمقراطية. ونحن نقف بجوار مصر بهذه الذهنية.
مع صعود شعبية اليمين المتطرف فى الانتخابات الفرنسية الأخيرة، كيف ينوى «أولاند» التعامل مع حكم جماعة الإخوان المسلمين وعدم إثارة غضب اليمين الفرنسى المعارض أو أنصاره الاشتراكيين؟.
- نحن نأمل العمل مع جميع الحركات التى تحترم المبادئ الكبرى التالية: نبذ العنف واحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية. لقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تبنيها هذه المبادئ. وهذا الأمر لا يحد بالطبع من رغبتنا فى التحاور مع جميع الأطراف الفاعلة على الساحة السياسية أو المجتمع المدنى، التى تحترم هذه المبادئ. من جهة أخرى، فى اتصالاتها الدولية، فإن فرنسا وحكومتها ورئيسها، لديهم علاقات رسمية مع جمهورية مصر العربية ورئيسها المنتخب محمد مرسى وحكومتها.
بيان تهنئة الإليزيه على فوز «مرسى» بالرئاسة أكد ضمان حقوق الأقليات، وهو ما كرره «أولاند» فى مكالمته الهاتفية مع «مرسى» فى يونيو الماضى بتأكيده أن يكون رئيسا لكل المصريين، هل تخشى فرنسا من التمييز فى مصر خاصة تجاه المسيحيين؟.
- إن مسيحيى مصر هم جزء من الأمة المصرية، كما هو حال كل المصريين. وهذا تماماً ما ذكرته أعلى السلطات فى هذا البلد. إننى أعلم أن هناك مخاوف ظهرت لدى الأقباط فى مرحلة من التحول العميق للغاية مثل الذى شهدته الأشهر الماضية. وألاحظ أن الرئيس مرسى دائماً ما يؤكد أنه لن يقبل تمييزاً بين المواطنين المصريين.
يمكن، للأسف، أن تحدث سقطات فردية، ولكن المهم إذن أن يتسنى للقضاء التحرك وأن يتم توفير الأمن للجميع. فى هذا السياق، نحن نثق بالرئيس المصرى من أجل ضمان حقوق وحريات كل المواطنين. والتنوع أحد مصادر ثراء مصر، ومن المهم الحفاظ على ذلك.
فى المكالمة أيضا بين الرئيسين تم الاتفاق على اللقاء سريعا، لماذا لم يتم ذلك حتى الآن رغم زيارة الرئيس مرسى لأوروبا هذا الشهر، وهل هناك أى تخطيط للقاء قريب؟
- كما ذكرتم، أبدى الرئيسان الرغبة بأن يجريا اتصالات مباشرة من دون تأخير، وهذا ما يفسر أنهما قد تحدثا هاتفيا مرتين. هذا اللقاء سيتم قريباً بالتأكيد.
دفء العلاقات الذى كان موجودا بين الرئيسين السابقين حسنى مبارك ونيكولا ساركوزى اختفى الآن. ما الخطوات التى اتخذتها فرنسا لتعزيز العلاقة بين الرئيسين الجديدين؟.
- لدى السلطات الفرنسية الرغبة فى تجديد الحوار وتدعيمه بين البلدين بعد التغييرات العميقة التى حدثت فى مصر منذ بداية 2011. والآن، وهناك رئيس منتخب فى مصر، فإن الرئيسين سيتمكنان، فى هذا السياق، من بناء علاقتهما على المستوى الشخصى. ومع الانتهاء من العملية الانتقالية المؤسسية فى مصر، سيكون هناك لقاءات على المستويات كافة. وسيلتقى وزراء البلدين والبرلمانيون ورؤساء الشركات والطلاب.
وزير العدل الفرنسى ميشيل مرسييه، أكد خلال زيارته للقاهرة فى مارس الماضى على التعاون القضائى والقانونى بين البلدين. الآن، ما وضع الأموال والأصول المجمدة لرموز النظام السابق فى فرنسا؟.
- تتحرك فرنسا منذ عدة أشهر مع السلطات المصرية من أجل تسهيل استعادة الممتلكات المسلوبة من الشعب المصرى. ولقد ساندنا بصورة فورية مبدأ تجميد الممتلكات، عندما تم الإعراب عن هذا الطلب فى فبراير 2011. ودافعت فرنسا بقوة عن قرار النظام الأوروبى الصادر فى 21 مارس 2011 الذى يسمح بتنفيذ التجميد فى ظروف قانونية متينة. ومنذ ذلك الحين، تتحرك فرنسا من أجل تنفيذ هذا القرار. وساهمنا، فى نوفمبر 2011 فى تنظيم ورشة عمل فى القاهرة حول تجميد الممتلكات واسترجاعها وعرضنا على القضاة المصريين أنماط تنفيذ هذا القرار. إن الجهات القضائية الفرنسية والمصرية على اتصال دائم لتبادل المعلومات اللازمة من أجل حسن سير مراحل عملية متعددة الأطر القانونية، تمثل نقطة البداية فيها بالطبع تقدم الجانب المصرى بطلب يتضمن أكبر عدد ممكن من العناصر الفنية من أجل اكتشاف واقتفاء أثر، كما يقال، الممتلكات التى نبحث عنها. وفى الخلاصة، نحن متعاونون بشكل كامل.
أحد الملفات الرئيسية التى تستهدفها الزيارة هو الأزمة السورية. كيف ترى الدور المصرى تجاه هذا الملف، وما طبيعة التعاون بين القاهرة وباريس فى ذلك؟.
- تستعيد مصر حالياً مكانها الطبيعى.. مكان دولة لها أهمية كبيرة على الساحة الإقليمية والدولية. ترجع هذه العودة بصفة خاصة للقدرة على المبادرة التى يتحلى بها الرئيس مرسى ولموقفه الواضح حول الملف السورى. الموقف المصرى والموقف الفرنسى حول هذا الملف الدامى قريبان للغاية. إذن، من الطبيعى أن يجرى بلدانا اللذان يأملان لعب دور نشط تنسيقاً بينهما. ولقد تشاطر من قبل الرئيسان «أولاند» و«مرسى» هذه الرغبة عندما تحدثا سوياً. سيحتل تدعيم تعاوننا حول المسألة السورية قلب الحوارات التى سأجريها فى القاهرة مع المسؤولين المصريين ومع أمين عام جامعة الدول العربية.
باريس كشفت عن دعمها لمنشقين من الجيش السورى، هل يمكن أن نرى تحركا فرنسيا عسكرياً ضد النظام السورى؟.
- فرنسا عضو مؤسس فى الأمم المتحدة، وهى عضو دائم فى مجلس الأمن، ولا يمكنها تصور اللجوء إلى القوة إلا فى إطار ميثاق الأمم المتحدة، بمعنى قرار صادر من مجلس الأمن. وكما تعلمون هناك بعض الدول التى تقف حائلا فى الوقت الحالى ضد أى مشروع قرار حول سوريا، وذلك رغم أن هذه النصوص لا تتناول فى أى موضع منها تدخلاً عسكرياً. الحالة الثانية المدرجة بميثاق الأمم المتحدة تتعلق بالدفاع الشرعى. وأذكركم بتصريحات الرئيس أولاند فى نهاية أغسطس عندما قال: «إننا نظل يقظين للغاية مع حلفائنا من أجل الحيلولة دون استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السورى، وهو الأمر الذى سيمثل بالنسبة للأسرة الدولية سبباً شرعيا للتدخل المباشر». وبصورة فورية، علينا أن نركز حول جهود وضع نهاية لهذه المأساة عبر حل سياسى، وفرنسا ومصر متفقتان تماماً حول هذه النقطة. سنعمل على هذا الأمر خلال زيارتى للقاهرة.
ما رد فعلكم تجاه أزمة الفيلم المسىء لـ«الرسول»، صلى الله عليه وسلم، وما تبعه من احتجاجات وأعمال عنف؟.
- أقول بوضوح إنه فيلم فظيع ودنىء. تأتى حرية التعبير ضمن القيم التى تتمسك بها نظمنا الديمقراطية، ويجب أن ندين كل ما من شأنه الإساءة إلى الكرامة. ولكن ليس هناك أى شىء، أى شىء على الإطلاق - يبرر الاعتداء أو القتلوزير خارجية فرنسا: «الفيلم المسيء» فظيع ودنيء.. لكن لا مبرر للاعتداءات (حوار)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق