الثلاثاء، 5 يونيو 2012

العزل والمحاكمات فى يد البرلمان .. ضياء رشوان .. المصرى اليوم


الشعاران الرئيسيان العادلان اللذان يسيطران اليوم على ميادين التحرير فى مصر وترفعهما كل القوى الثورية ومعظم الأحزاب السياسية هما: محاكمة قيادات ورموز النظام السابق بما يتناسب مع جرائمهم فى حق مصر وشعبها خلال سنوات حكمهم الثلاثين، والقيام بعزل من كانوا يشغلون مناصب رئيسية فى هذا النظام وعلى رأسهم الفريق أحمد شفيق قبل إجراء جولة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية. ويبدو على سطح المشهد ودون توغل أعمق بداخله أمران، الأول أنه لا يترافق مع طرح المطلبين أى تحديد واضح ومفصل للطريقة أو الإجراءات التى يمكن تحقيق كل منهما بها، عدا الحديث عن تسريع المحكمة الدستورية العليا بإصدار قرارها فيما يخص دستورية قانون العزل السياسى. أما الأمر الثانى فهو أنه يبدو أن المطالب بتنفيذ الأمرين وتحقيق المطلبين هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحده دون غيره، وبالتالى فإن عدم تنفيذهما ستكون مسؤوليته ملقاة عليه سواء تواطؤاً أو تجاهلاً.
والحقيقة أن إجراءات تنفيذ المطلبين الرئيسيين لا تقع على الإطلاق فى اختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بل هى توجد فقط فى أيدى السلطتين القضائية والتشريعية، فالعزل لا يملك إقراره اليوم سوى جهتين قضائيتين، إما أن تصدر المحكمة الدستورية العليا قراراً بعدم اختصاص لجنة الانتخابات الرئاسية بإحالة قانون العزل إليها وبالتالى يصبح القانون سارياً فيتم عزل الفريق «شفيق» وفقاً له ويخرج من السباق الرئاسى، أو أن تصدر قرارها بدستورية القانون فتكون النتيجة نفسها. والجهة الثانية القضائية التى تملك البت فى مسألة العزل هى لجنة الانتخابات الرئاسية التى يمكن لها أن تستدرك قرارها بإعادة قيد الفريق «شفيق» فى قائمة مرشحى الرئاسة بعد إحالة القانون للمحكمة الدستورية بحجة وقف تطبيقه، بأن تتبنى الرأى القانونى الآخر الذى يرى أن يستمر القانون سارياً ومطبقاً إلى أن تبت الدستورية فيه، وهو ما يعنى أيضاً إخراج الفريق «شفيق» من انتخابات الإعادة.
هذا هو ما تملكه الجهات القضائية بشأن مطلب العزل، وهى لا تملك شيئاً لا هى ولا المجلس العسكرى فيما يخص المطلب الآخر المتعلق بالمحاكمات الخاصة لرموز وقيادات النظام السابق، بل إن من يملك ذلك وحده هو البرلمان وبالأخص مجلس الشعب. ففيما يخص العزل، يمكن للمجلس – إذا أراد – أن يصدر تشريعاً جديداً يقضى بعزل الفئات نفسها التى حددها القانون المتنازع حول دستوريته بتعديلات طفيفة، وهو ما يتطلب تصديق المجلس العسكرى عليه بحيث يتم تطبيقه فوراً وقبل انتخابات الإعادة، وفى هذه الحالة فإنه على لجنة الانتخابات الرئاسية تطبيقه فوراً دون إحالة للمحكمة الدستورية، التى يكون من حق الفريق «شفيق» اللجوء إليها بعد ذلك إذا أراد أو استطاع فى الفترة المحدودة المتبقية لإجراء الانتخابات الرئاسية من جديد.
وكذلك الأمر فيما يخص محاكمة رموز وقيادات النظام السابق، فلا يوجد تشريع فى مصر يتيح للمجلس العسكرى أو لغيره من السلطات التنفيذية أو القضائية القيام بذلك، ويظل مجلس الشعب هو صاحب الحق الوحيد فى ذلك، ففى قدرة المجلس ـ إذا أراد ـ أن يصدر تشريعاً بتشكيل هذه المحاكم الخاصة، ولن يكون أمام المجلس العسكرى – أو رئيس الجمهورية القادم – سوى التصديق عليه ليتم تنفيذه عبر الجهات التى ستحددها نصوصه.
إذاً فالحقيقة هى أن الدور الأول فى تحقيق المطلبين الرئيسيين لانتفاضة مصر اليوم منوط بالبرلمان الذى يمتلك الإخوان المسلمون والسلفيون الأغلبية فيه، وهنا يظهر التساؤل الضرورى والواقعى: هل تريد الأغلبية حقيقة تحقيق المطلبين أم فقط الانضمام للمتظاهرين المطالبين بهما؟ وإذا كانت تريد تحقيقهما فعلياً فما الذى يؤخرها حتى اليوم عن تحويلهما لتشريعات قانونية تلزم جميع سلطات الدولة بتطبيقها؟ سؤال مزدوج يحتاج لإجابة واضحة مستقيمة.
diaarashwan@gmail.com
العزل والمحاكمات فى يد البرلمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق