HalaFouad1123@hotmail.com | ||
فرغم مرور أكثر من أسبوعين لم يخرج علينا مسئول ليعلن عن تفاصيل تلك العملية المريبة.. لا نعرف حتي الآن من هي اليد التي حركت خيوط اللعبة القذرة التي حاكت الفضيحة.. ولا العقل المدبر الذي نجح في توجيه صفعة قوية للقضاء لتهتز معها هيبة الدولة التي بات واضحا أن بقاءها علي المحك. ومثلما هانت كرامة البلاد وكبرياؤها علي من ارتكب هذه الجريمة هان عليه أيضا حق الشعب في معرفة الحقيقة فلم نعد نسمع سوي همهمات الضعف وملامح قلة الحيلة ونظرات الانكسار والتواطؤ. تصرف الجميع وكأن الشعب لا قيمة له وكأن البلد لا كرامة له وكأن ثورة عظيمة لم تقم.. ويبدو بالفعل أنها لم تقم بعد. اختفت في لحظة التصريحات العنترية المتوعدة للأمريكان المعلنة الجهاد والدفاع عن كرامة مصر مؤكدة للداخل قبل الخارج أن مصر »لن تركع« وفجأة مثلما تحدث جميع كوارثنا انقلبت الآية وصدر قرار برفع الحظر عن الأجانب في قضية التمويل وتأتي طائرة حربية متخذة طريقها إلي أجوائنا قبل أن يصدر حكم المحكمة. وفي محاولة فجة لذر الرماد في العيون المجروحة في كبريائها اقترن سفر المتهمين بكفالة وصلت إلي 38مليون جنيه ثمن بخس لصفقة ملعونة. رغم وقع الصدمة المدوي والمفزع إلا أن أحدا لم يكلف خاطره لشرح كواليس ما دار فيها.. ورغم فداحة الجرم إلا أن أحدا لم يعترف بالمسئولية. الكل أنكر وتنصل وهرب من المواجهة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي التي أشهرت سيفها في البداية وتوعدت لفضح جريمة التمويل الأجنبي خرجت علينا لتعلن عدم علمها بقرار سفر المتهمين إلا من خلال وسائل الإعلام.. أما وزير العدل المستشار عادل عبدالحميد فأخلي مسئولية وزارته وعدم تدخلها في قرار رفع الحظر مؤكدا أنه شأن قضائي بحت. وكذلك فعل رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري الذي صمت طويلا ثم خرج علينا بعد أسبوع لينفي أي مسئولية للحكومة في قرار السفر وبالطبع لم تفته العودة إلي حديث الذكريات والتغني ببطولاته وصولاته وجولاته للدفاع عن كرامة مصر عام 98 يرفضه مقابلة نائب الرئيس الأمريكي آل جور إلا بعد أن طلب الأخير هذه المقابلة.. وكذلك رفضه طلبات البنك الدولي بتخفيض قيمة الجنيه. د. الجنزوري السابح في الماضي لم يقدر خطورة اللحظة وحجم المأساة التي يعيشها الشعب المصري بعدما أصيب قضاؤه في مقتل.. بعد ردود أفعال الحكومة المحبطة انتظرنا خروج المجلس العسكري ليشرح لنا ملابسات ما قيل إنه صفقة فإذا بصفقة أخري تحملها كلمات اللواء طاهر عبدالله عضو المجلس معلنا بها أنه لا علاقة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة بقضية التمويل الأجنبي فهي شأن قضائي بحت!! وأن أحدا لا يستطيع فرض رأي علي السلطة القضائية وقضاتها المستقلين. لكن القضاء في مصر غير مستقل.. كما اعترف صراحة المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلي وإن أكد في نفس الوقت أن القضاة مستقلون.. توصيفه هذا كان الأقرب للدقة لتفسير قدر من الغموض الذي أحاط بتلك القضية الأخيرة. فالقاضي محمد محمود شكري ودائرته التي تضم عضو اليمين المستشار اليماني والمستشار اللمساوي عضو اليسار كانوا بالفعل مستقلين عندما اتخذ قرار التنحي عن القضية بعد مكالمة تليفونية تلقاها المستشار شكري من المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف يطلب منه فيها رفع الحظر عن سفر المتهمين مثلما صرح المستشار شارحا الأسباب التي دفعته للتنحي عن نظر القضية. لولا قرار التنحي ما تفجرت الحقيقة ولتمت الجريمة في صمت لكن الله شاء فضح المتواطئين. صحيح أن أصابع الاتهام لم تحدد بدقة المتهم الرئيسي في تلك الفضيحة وإلي أن يحدث سيظل الكل مدانا وإن كانت المسئولية أكبر علي من يتولي أمور البلاد. ربما يبدو التحرك حتي الآن بطيئا وتبدو المراوغة والتحايل لإخفاء تفاصيل الجريمة هي السمة الأبرز لتحرك المسئولين الذي يحاول كل منهم إلقاء اللوم علي الآخر لينجو من المحاسبة والعقاب. فمجلس القضاء الأعلي بدأ التحرك والتحقيق في وقائع تلك الجريمة.. وعليه مازلنا نعلق الآمال في فضح خيوط المؤامرة ومحاسبة المتورطين فيها قضائيا. أما الشق السياسي.. فمن المفترض أن يتولي مجلس الشعب مساءلة الوزراء المسئولين عن قضية التمويل ويتم محاسبتهم بشكل جدي وسريع.. الكرة الآن في ملعب البرلمان وهي فرصة ذهبية ليستعيد بها ثقة الشعب التي من المؤكد أنها اهتزت كثيرا من أداء هزيل لا يتناسب مع برلمان ما بعد الثورة. وإن كان البعض يشك في قيام البرلمان بهذه المهمة بعد الشبهات التي أحاطت الإخوان إثر التصريحات الأمريكية التي أعربت عن شكرها للجماعة لدورها في إنهاء أزمة المتهمين الأمريكيين برفع حظر منع السفر عنهم. علي جانب آخر تبقي مساءلة المجلس العسكري محل شك ويبدو واضحا أن محاسبة أعضاء المجلس ليست مدرجة إطلاقا علي جداول البرلمان. وأمام غياب الحقيقة وفي ظل مراوغة الجميع يبقي حالنا علي ما هو عليه.. بلا عيش ولا حرية ولا كرامة إنسانية ولا حتي كبرياء وطني.. ويبقي الأمل فقط في الثورة التي ستظل بالقطع مستمرة توقد جذوتها تلك الفضائح المدوية بعار الخنوع. |
صـــوت بــــلادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق