أودعت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حيثيات حكمها، بوقف تنفيذ قرار لجنة الانتخابات الرئاسية، بإحالة التعديلات القانونية التي أدخلت على قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية «الخاصة بالعزل السياسي» إلى المحكمة الدستورية العليا، وقال القضاء الإداري إن لجنة الانتخابات الرئاسية قد تجاوزت صلاحياتها كلجنة إدارية بحتة، بإحالتها القانون إلى المحكمة الدستورية.
وذكرت المحكمة أن المبادىء الدستورية المستقرة سواء في الإعلان الدستوري أو دستور عام 1971 جرم تحصين أية قرارات إدارية ومحاولة جعلها بمنأى عن رقابة قاضي المشروعية «قضاء مجلس الدولة»، مشيرًا إلى أن تحصين قرار لجنة الانتخابات الرئاسية جاء في حدود عملها وفي نطاق ضيق لا يجوز التوسع فيه.
وأوضحت المحكمة أن نص المادة 28 من الإعلان الدستوري التي انطوت على تحصين قرارات اللجنة حددت اختصاصات لجنة الانتخابات الرئاسية على سبيل الحصر واليقين، ومن ثم فإنه لا يجوز لها أن تتعدى هذه الاختصاصات وسلب اختصاصات محجوزة لجهات أخرى، وأن القول بغير ذلك يجعل منها «لجنة أسطورية» فوق الرقابة وهو ما لا يقل به أحد.
وقالت المحكمة إن تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، يمثل استثناء، وأن أية استثناءات تفسر تفسيرا ضيقا فلا يجوز التوسع فيها وأن القول بغير ذلك يسمح للجنة التعدي على الاختصاصات المحجوزة لسلطات الدولة التشريعية والقضائية متدثرة بهذا النص دون رقابة، بما يشكل منطقا غير مستقيم.
وأكدت المحكمة أن الإعلان الدستوري وعلى ما فيه من «ردة» تضمن أن السيادة للشعب وكفل استقلال القضاء، ومن ثم فإن ما أقدمت عليه اللجنة بإحالة التعديلات على قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية يخرج عن الاختصاص المعقود لها بموجب الإعلان الدستوري، ويمثل تجاوزًا لصلاحياتها واختصاصاتها وتدخلاً من جانبها في اختصاصات السلطة القضائية، فضلاً عن كونه مخالف لنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وانتقدت المحكمة تبرير لجنة الانتخابات الرئاسية بإحالة القانون إلى المحكمة الدستورية على سند من كونها «اللجنة» ذات تشكيل قضائي خالص من شيوخ القضاة؛ حيث ذكرت المحكمة أن التشكيل القضائي الكامل للجنة لا يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، لافتة إلى إنها «لجنة إدارية ليست ذات اختصاص قضائي».
وأوضحت المحكمة أن تشكيل كلا من «المجلس الأعلى للقضاء» و«المجلس الخاص بمجلس الدولة» هو تشكيل قضائي خالص؛ حيث تقتصر العضوية بكل منهما على القضاة فقط من كبار الشيوخ والمستشارين بكل من الجهتين، غير أن المجلسين المذكورين هما مجلسات إداريان، يصدران قرارات إدارية وليست أحكام قضائية.
وأكدت المحكمة أن العبرة الحقيقية تتمثل في حقيقة عمل اللجنة، وما إذا كانت تفصل في خصومة من عدمه، على نحو ترفض معه المحكمة الدفعين المقدمين أمامها بعدم الاختصاص الولائي وعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، مشددة على أن قرارات اللجنة هي قرارات إدارية مكتملة الأركان رتبت مركزًا قانونيًا لأحمد شفيق بقبول ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية.
ووجهت اللجنة نقدًا لاذعا لنص المادة «28 » من الإعلان الدستوري، واصفة إياها بأنها تحمل «ردة» قانونية من عصر الاستبداد، مؤكدة أن الأصل العام هو عدم تحصين أي عمل إداري من رقابة القضاء وأن ذلك أصبح مقررًا في ضمير الفكر الدستوري وهو ما أورده الإعلان الدستوري في المادة 21 التي حظرت تحصين أي عمل من رقابة القضاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق