بعض
الدعاة تركوا مهمتهم ووظيفتهم التي نذروا أنفسهم لها وقرروا التفرغ لجوب
البلاد من أقصاها إلى أدناها تأييداً لذاك المرشح أو ذاك.. وهو حقهم الذي
لا ينازعهم فيه إلا مكابر أو مغالط.. ولو أنهم اقتصروا في إعلان أسباب
تأييدهم لهذا المرشح أو ذاك على أسباب "برامجية" محضة.. وأنهم ما اختاروه
إلا اقتناعاً بالبرنامج "البشرى" الذي وضعه "بشر".. وسيقوم على تنفيذه
"بشر" ما كان يحق لنا اليوم أن ننبس ببنت شفة.
ولكنهم
للأسف رأوا أن يتمترسوا وراء "قداسة" الدين.. ويضفوا على اختيارهم البشرى
الاجتهادي "هيبة" الدين.. حتى وصل الأمر بأحد كبار المشايخ أصحاب الجهاد
والنضال الذي نعتز به ونقدره أن يفتى بوجوب التصويت لأحد المرشحين
تحديداً!!
ناهيك عن إصرار البعض على أن "هذا" المرشح مدعوم من السماء.. بل وكأنه يوقِّع نيابة عن رب العالمين جل وعلا في التأكيد على تزكية هذا المرشح أو ذاك.
وخلع
ثوب البطولة التاريخية على بعض المرشحين وتقديمه للناخب على أنه صلاح
الدين الذي سيقود الأمة إلى القدس.. وأنه صاحب المشروع الإسلامي "الوحيد".
والمفارقة
أن ذات المرشح كانت جماعته تؤكد منذ أسابيع قليلة مضت أنها لن تدعم أي
مرشح "إسلامي" واستفرغت وسعها في إقناع بعض الشخصيات العامة التي لا تحسب
على التيار الإسلامي للترشح
للمنصب الرئاسي.. ولما أعيتها الحيل ولم تتمكن من إقناع واحد.. وقررت الدفع
بواحد منها تحولت بوصلة خطابها مائة وثمانين درجة.
فمن
الحديث عن عدم دعم أي مرشح "إسلامي" إلى الحديث عن المشروع "الإسلامي"
والمرشح "الإسلامي" والشعار "الإسلامي".. وكأن الإسلام أصبح تحت الطلب "
دليفري" نستدعيه وقت أن نشاء.. ونتمترس خلفه وقت أن نريد.. ونستخدمه مطية
للوصول إلى أهدافنا متى أحببنا.
وهنا
جاء دور بعض "المشايخ" الذين لم يتأخروا عن تلبية النداء.. وسارعوا بإنتاج
خطاب دعائي مشحون بلغة دينية جياشة تضرب على أوتار قلوب المصريين
المعروفين بحب دينهم والذوب عشقاً فيه.
ولولا
ما رسخ في عقيدتنا وملتنا من انقطاع الوحي بوفاة رسول الله صلى الله عليه
وسلم.. لظننا أنه مازال يتنزل على طائفة منا.. وإلا فمن أين عرفوا وعلموا
أن هذا المرشح تحديدا مدعوم من الله تعالى؟!!
بل أكد بعضهم أن تدعيم مرشح ما سيعمل على عودة الخلافة الإسلامية.. وهو كلام للاستهلاك ليس إلا.. وموجه في الأساس لبسطاء الناس.
إذ
يعلم كل من لديه أدنى إطلاع على أحوالنا أن الرئيس القادم سيقضى الثماني
سنوات القادمة (حال فوزه بفترة رئاسية ثانية) في معالجة قضايا الداخلية
الملحة من تعليم وصحة.. إلخ.. وأن الحديث عن الخلافة الإسلامية ليس إلا
مجرد "كارت انتخابي" محمل بالمفردات الدينية !!
بل وصل الأمر إلى تسفيه رأى المخالفين وأيضا بـ "الدين".. وكأنهم خالفوا ما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة.
وطالما
أن طائفة من " الدعاة " قد أعطوا لأنفسهم الحق في "احتكار" الإسلام لصالح
مرشح ما.. فإن ذات الحق مكفول لغيرهم إن رأوا تدعيم مرشح آخر .
وهكذا يتمزق الإسلام إرباً .. عندما نصر على احتكاره وتوظيفه لخدمة أغراضنا الدنيوية.. بل ونحمله مساوئنا وأخطائنا.
فماذا
سيكون وضعنا لو أخفق المرشح - الذي أكد مناصروه من المشايخ والدعاة أنه
مرشح الإسلام والمدعوم من السماء – في تنفيذ برنامجه بدرجة يرضى عنها
الناخب (وهذا وارد).. هل سيكون ذلك فشلاً للإسلام (وحاشا لله أن يكون كذلك)
أم فشلاً للمرشح ؟!!
الرد
الطبيعي أنه فشل للمرشح.. ولكن المواطن لن يفهم ذلك وسيعتبره فشلاً
للإسلام.. لأننا أصررنا على تسويق مرشحينا باسم الإسلام واعتبارهم يوسف هذا
العصر أو صلاح الدين هذا الزمان!!
الخميس الموافق:
25-6-1433هـ
17-5-2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق